الثلاثاء، 10 مارس 2009

يسوع! أصلبوه! لن تقدروا عليه إلاّ بالحبّ

السخرية من يسوع وأمّه العذراء
الحملة الأخيرة التي أثارتها القنال العاشرة في إسرائيل مع ليور شلاين، الذي قدّم في برنامجه صورة ساخرة مبتذلة ليسوع والعذراء، ردّاً على الأسقف البريطانيّ ريتشارد وليامسون الذي أنكر فيه وفاة اليهود في غرف الغاز، وأنّ العدد لا يتجاوز 300 ألف شخصاً، وليس الملايين. وكان البابا قد رفع الحرم عن هذا الأسقف التابع للمونسنيور لوفيفر أصلاً. وكان ليورشلاين مقدّم البرنامج الكوميدي الإسرائيلي الساخر قد أعلن قائلاً: «إن المسيحيين ينكرون المحرقة، لذا فأنا أودّ أن أنكرَ المسيحية على أحدهم وأن ألقنهم درساً في الحقيقة»! إنّه الانتقام القديم القادم من شريعة العين بالعين والسنّ بالسنّ، والدم بالدم. لا لاهوت للرحمة، ولا شريعة للحبّ والمغفرة.
إنه تعليم إله موسى، وليس هو تعليم يسوع المسيح: «العهد الجديد»: أحبوا أعداءكم اغفروا لمن أساء إليكم يقول يسوع».
ما هذه الوقاحة واللاخلاقيّة؟ ما هذا التجريح المرفوض والمشجوب للرموز والشعائر الدينيّة التي يكرّمها ويحترمها المسلمون والمسيحيّون معاً. لا عجب عندي فهم سخروا من يسوع في حياته ومماته: «يا باني الهيكل في ثلاثة أيّام»، «خلّص آخرين ولم يقدر أن يخلّص نفسه»، «سرقه تلاميذه ليلاً ولم يَقُم»! كذبٌ على مدّ التاريخ والزمن كما قال آباؤهم: «إكذبوا، إكذبوا فلا بدّ أن يبقى شيء» إكذبوا: أنّ فلسطين لكم! كأنّ قبلهم لم يكن لها أهل وسكّان؟ وكانت أرضاً خالية خاوية؟ إكذبوا أنّكم شعب الله المختار كأن ليس الناس جميعهم عيال الله؟ وكأن الله خالق البشريّة جمعاء لم يحبَّ أحداً غيركم، لا من شعوب الشرق الأوسط، ولا من الصين، ولا من الهند، ولا من شمالي أميركا أو جنوبها، ولا من أهل لبنان؟!...
ليور شلاين سخر من شخصية يسوع في مشاهد مسرحيّة قصيرة، يقول فيها الراوي إن يسوع المسيح توفيّ عن عمر 40 سنة، لأنّه كان بديناً. وإنّه لم يمشِ على الماء في طبريّا، لأنّه كان شديد البدانة. وكان يخجل بشدة من مغادرة المنزل. ولم يكتفِ ليور شلاين بإهانة شخص يسوع، بل تطاول وتجرأ وأهان السيّدة العذراء، النقيّة الطاهرة، القدّيسة المصطفاة، المكرّمة عند المسيحيين والمسلمين. فقال إنّها حملت في عمر 15 سنة من زميل لها في الدراسة.
----
ردات الفعل
وكان للفاتيكان ردّة فعل قوّية في رسالة احتجاج إلى الخارجيّة الإسرائيلية قال فيها: «إن هذا البرنامج سخر من يوسف والعذراء بكلمات وصور تجديفيّة، تدلّ على عمل هجوميّ ومبتذل من التعصّب حيال المشاعر الدينيّة للمؤمنين بالمسيح وليست هي المرة الأولى فقد صور المسيح على الصليب يشرب خمراً وأمه مريم أخذت جسد مريم المجدلية وبانى حبلها.
وأصدر مجلس الأساقفة الكاثوليك في الأراضي المقدسة بياناً أبدى فيه «أسفه وإدانته الشديدة للاتهامات البغيضة ليسوع المسيح وأمّه مريم العذراء «والتي» تدخل في إطار أوسع من الاتهامات المتواصلة للمسيحيين في إسرائيل على مرّ سنوات، إذ أحرقت نسخ من العهد الجديد علناً منذ بضعة أشهر في باحة كنيس في «أور يهودا» قرب تل أبيب، وأنّ الكنيسة تبذل جهوداً كبيرة لوقف بعض المظاهر المعادية للسامية. إلاَ أنّ المسيحيين في إسرائيل قد صاروا هم ضحايا ومحرقة معاداة السامية. «المسيحيّون هم اليوم المحرقة في فلسطين وفي القدس وفي غزة».
هذا ما دفع مقدّم البرنامج الكوميدي الإسرائيلي المعروف ليور شلاين على الاعتذار نهار الأربعاء على الهواء وإنّه لم يقصد الإساءة إلى أحد.
وأيضاً فإن وزارة الخارجيّة الإسرائيلية، صرح باسمها ييغال بالمور: «إنّ هذه المقاطع لن يُعاد بثها» لأنّ احتجاج الفاتيكان كان عنيفاً وغاضباً ولأنّ البابا سيزور إسرائيل في 16 أيّار المقبل.
----
أحبوا يسوع لتعرفوا السلام
بعيداً عن كل هذا، أقول: إنّ يسوع المسيح، «الناصريّ»، كما يقول الكتاب المقدّس هو «إسرائيلي لا غشّ فيه» وهو من الناصرة وهم ابن النجّار يوسف، وأمّه مريم. وهو ابن «الانتظار الإسرائيلي» الذي لم تعرفه «خاصته»، بل صرخت «اصلبه! اصلبه»! وفضّلت عليه برأبّا. هكذا هو «عماء» هذا الشعب الذي يقتل أنبياءه بين الهيكل والمذبح. و«سيُطلب منه دم جميع الأبرياء من الأنبياء والناس» الذي سفك على ارض إسرائيل وفلسطين. فإلى أين سيهرب هؤلاء الفريسيون الملاعين من غضب الله؟ هؤلاء «الحيّات أولاد الأفاعي» كما قال يسوع المسيح وهم طلبوا كما يقول الإنجيل أن يكون «دمه عليهم وعلى أولادهم»؟
لن يكون سلام في الشرق الأوسط إلاّ بحبّ يسوع! يسوع التوراة والأنبياء، يسوع الإنجيل والرسائل وأعمال الرسل، يسوع القرآن والأحاديث. كيف يصلب في العراق 12 طفلاً بالبغض والتعصب والكراهية؟ كيف يموت أطفال غزة وفلسطين والصومال والسودان وتغتصب النساء والأطفال هناك كما يقول تقرير الأمم المتحدة إن طفلة بعمر السنة الواحدة اغتصبت من قبل الجنود؟
----
الكراهية لم تبنِ السلام
أنسوا أنّ المسيح ابن شعبهم وهو واحد منهم؟ وأنّه لم يأتِ شراً؟ بل أحبّ وشفى وصنع المعجزات، وبشّر بالرحمة وأطعم الجياع؟ وأقام الأموات؟ وقال أنا هو «المنتظر»، أنا هو الرجاء»! «آمنوا بي لتخلصوا»! لكن، هذا هو تاريخ إسرائيل: ذبح للأنبياء ونشر لهم، ورجم وقتل. هذا كان نصيب إشعيا ونصيب إرميا، وحزقيال وهوشع وسواهم... لم يتكلم أحد عن الرحمة والعدل والمحبّة إلاّ وقتلوه ورجموه وأنكروه. العذراء بنت هذا الشعب. وهم بالحقيقة أولاد الزواني منذ ايام لوط وبناته وساره وهيروديت وإستير ورحاب! فكيف يمكنهم احترام العذراء بنت شعبهم وهي المختارة؟! «الله اختارك» أنتِ «النقيّة القديسة». لقد قطعت العذراء مريم كل علاقة مع هذا التاريخ وهذه السلسلة من الزانيات التي طبعت تاريخ إسرائيل. لذلك فان ليور شلاين لم يفهم سر حبلها النقي!
----
البتولة الجميلة والحب النقي
وهي البتولة، كما قال عنها إشعيا: «ها إنّ العذراء البتولة تحبل وتلد ابناً يدعى اسمه عمّانوئيل». ابنها من روح الله، وحبلها من السماء، وولادتها للمخلّص يسوع المسيح، ولادة عجيبة ولادة الرحمة والرقّة والحنان والطهارة ولا دنس منها! لا في الميلاد ولا قبله ولا بعده، وما دام الزمان، كما تقول الأناشيد الطقسيّة الميلادية المارونيّة. وهي حبلَ بها بلا
دنس
لن ينقذ اليهوديّة ولا إسرائيل، إلاّ فعل حبّ وإيمان بالمسيح يسوع المنتظر وبأمّه العذراء القديسة النقيّة. لن يخرج إسرائيل من عمى قلبه وعقله بالثأر والحقد والصلب إلاّ بالحبّ والإيمان بنبع الحبّ والجمال والمغفرة يسوع المسيح وببهاء وجه امه المصطفاة مريم.
----
تاريخ الشرق يبدأ بالحبّ
ليبدأ في الشرق الأوسط تاريخ جديد ينيره وجه العذراء مريم القديسة الطاهرة ويجذبه ويسحره ويشع فيه وجه يسوع الرحمة والحبّ والحنان والمغفرة، حيث يقتل وحش الثأر والانتقام ورفض الآخر والكراهية له. هذا هو الافتتان الجديد بالجمال القديم، أيّها الربّ يسوع أعطني أن أحبّ حتى أعدائي، وعلّمني الرحمة والرقّة والحنان. وأنتِ أيتها العذراء مريم، اشفعي فينا. وستبقين سيدة الجمال والبهاء، ولن يقدر التنيّن عليكِ وعلى ابنكِ. يا عذراء يا نقيّة، يا طاهرة، يا مصطفاة!
----
موجة غضب
يضاف إلى كل هذا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت ندد بالكلام المعادي للديانة المسيحية والمهين للفاتيكان وقال: «أندد التصريحات التي بثت خلال البرنامج التلفزيوني. لو إن تصريحات مشابهة صدرت في بلد آخر ضد اليهودية، لكانت أدت إلى موجة غضب... أنا آسف لهذه التصريحات المعادية للمسيحيين، خاصة إنها تستهدف المجموعة المسيحية في إسرائيل. علاقاتنا مع الفاتيكان والعالم المسيحي ممتازة. ولا سبب لمهاجمتها لكن موجة الغضب والتنديد والشجب عمت العالم المسيحي هذه المرة. فهل يفهم إسرائيل إن في جرحنا وعلى صليبنا نردد ونقول مع يسوع «اغفر لهم يا الله لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون»، «لأنهم لو عرفوا لما صلبوا ربّ المجد»؟

لطفي زين الدين شهيد الشبانية

17-2-2009
أكتبُ عن الشهيد لطفي زين الدين لأنني مثله من المتن الأعلى ومن الشبانية قريتنا ولأنني أعرفه واحترمه وأحبّه وهو وأنا أولاد جبل الصنوبر والكرز وكروم العنب والتين و«نهر الدم»[1] الهادر من «شلال حمانا»1 حتى «بير الحمام»1 مروراً «بغدرا»1 تحت شقيف «شوار البستان»1 «ودير الرغم»1 جتى «نبع الدلبة»1 حتى بيروت مروراً بمخابىء الحجال والغار والوزال. رجال المتن الأعلى هم كصنوبرات ارضهم يظللون الأرض بالخير والعطاء لذلك أسأل وأًصرخ من يقطع بالهروات صنوبرات المتن الأعلى من يقتلع بالحناجر رجال المحبة والتعايش؟ من يقتل أهل التوحيد والعقل والحكمة والإعتدال؟
لطفي زين الدين ابن الشبانية، جاري، وجار الكل، لم يكن زعيماً سياسياً بل كان زعيم اللطف والرقة «والإدامية».
لم يكن قائداً للمعارك بل قاد معركة التعايش والمحبة والحفاظ على جبل الإمارة اللمعية مع العديد سواه من أبناء بني معروف رجالاً ونساءً. لطفي عباس زين الدين. كان زيناً للدين باللطف والخدمة حاضراً لتأديه شهادة العقل والمعرفة والحكمة لذلك شاؤوا توزيع جسده خبزاً لمائدة الجهال بالسكاكين والهروات على أيدي الذين ما زال الوحش فيهم يقتل الإنسان. العشرات مثله من أبناء المتن وراشيا والبقاع الغربي أصيبوا خلال عودتهم من ساحة الشهداء بضربهم بالهروات وطعنهم بالحناجر والسكاكين. الجبن والحقد قتل فرح أبطال الاحتفال بالحرية وربيع الكرامة وثورة الأرز والإلتزام بالحب والعيش المشترك. من سيجمع حبات الزيتون وأكواز الصنوبر وأغمار الوزال من أرض الشبانية ويقدمها لفرح الناس ويقطر اللطف في معاصر الجبل؟ يوم كانت عاصفة الجنون والحقد تضرب الجبل كان لطفي عاصفة حب وإخاء وخدمةً وعقل وحكمةً تضيء ليل الجبل المخيم عليه الخوف والرعب. أكتب له لأقول نفتقدكَ يا «جار الحب والرضى». لكن أعرف ان خميرة البيت موجودة في العائلة وهي أمينة ستوزعها لنا على مائدة الشبانية والجبل والوطن بالحب والإيمان واللطف والطيبة والشرف هذا هو عزاؤنا وهذه صلاة قلبنا لك يا أحب الناس وأوفى الأصدقاء.
[1] أماكن في الشبانية.

ذكرى عاشوراء 2009

دولة الرئيس نبيه بري،
....
وحدة الشهداء
من أين تأتي هذه الغربة التي يعيش فيها الأشخاص غير العاديين؟
من أين تنبع هذه الوحدة التي يُترك فيها الذين أتوا برسالة الحق الخارقة، فوقع عليهم الظلم والبطش والخيانة والغدر؟ يرافقهم الناس في حياتهم. يتقرّبون منهم يتملّقون اليهم، لكن عند ساعة الموت، هكذا كان علي، هكذا الحسين، هكذا كان المسيح، يُتركون لوحدهم، ويلطخ دمهم صخرة بستان الزيتون أو رمل الصحراء. هكذا كانت الأشياء وهكذا الآن، وهكذا ستبقى الى الأبد. الأبطال يموتون وحيدين في كآبة المساء على الرمال أو على الصلبان وهم يقولون أنا عطشان للحق!
لا فرق بين أطفال بيت لحم أو أطفال كربلاء، أو أطفال الجنوب، أو أطفال قانا وغزة وهيروشيما وناغازاكي.
حول هؤلاء الشهداء الأنقياء. يبقى فقط مع بعض الأنقياء في ثياب عرسهم، كوهب وعروسته وأم وهب وجون الحبيب.
أمّا الباقون فقلوبهم مع الضحية وسيوفهم العنيفة عليها وقد باعوها بأقل من الخيانة وبثلاثين من الفضة، وما هم إذا علّقوا بعد هذا الفعل الشنيع رقابهم بحبل الخيانة. آه كربلاء، البريء يذبح في الصحراء أو على الجلجلة، والعنف يبطش بالقادمين يطلبون الحق والحرية والسلام والثائرين على الظلم والاستبداد واغتصاب الحق والعدل. آه غزة أنت اليوم غزة صليب في قلبي تغزه الدبابات والطائرات ومدافع الموت والتوحش وتغرّه في قلوبكم وعيونكم. اللهم تقبّل قرباننا وارأف بنا
ثقافة العنف
لأسبوع كنا نعيد عيد ميلاد الطفل يسوع، السيد المسيح، عيسى ابن مريم عليه الف سلام، واليوم نحن نجمع أشلاء ونعيش ونستذكر استشهاد أطفال بيت لحم وغزة وقانا. ألم يمت هيرودس بعد؟ ما زلنا في ثقافة الموت والعنف والدم ولم نصل الى ثقافة الرحمة والفداء والتصالح والتراحم؟ أهل فشل الله في تغيير قلب الإنسان؟ نحب القتل والإنتقام فتعم الظلمة على الكون وتنتشر رائحة الدم والأشلاء، وحق الناس بالحرية والحياة يصلب في غزة، في القدس، في الجنوب، في الموصل. إنها جلجلة، غزة مفلوشة على جوانب الكون والقلب وهي نجمة الميلاد والحب والفرح والسلام التي وعدنا بها أم هي عاشوراء الوجع والألم والبكاء والنواح والنكبة التي لا تعرف لها قيامة من دمنا ولحمنا وأحزاننا وأوجاعنا؟
أهكذا سنبقى طول عمرنا يتقدّم فينا الجلاد على الإنسان والظالم على الضعيف والتوحش على الإنسانية؟ وهنا نسأل ماذا كان مفعول موت الأبرياء؟ ومواكب الشهداء والفقراء والجياع والمساكين والمقهورين والمظلومين والمحرومين وجميع الذين كانت صلاتهم: أللهم اجعل حظي مع الضحايا وليس مع الجلادين؟ من سيغفر لهذا العالم الظالم الذي لا سماء له بل ستنزل عليه لعنة السماء والأرض؟ لأنه بنى بابله وثروته على قهر المحتاجين وتعاسة المرضى وكرامة الفقراء واغتصاب الأرض والحق ولم يكن فيه خجل من استشهاد الحسين ورفاقه ولا من أطفال قانا ولا من أطفال غزة ولا اطفال كربلاء. نفسي حزينة حتى الموت. لم يطل فرحي بميلاد المحبة والنور والسلام من على بسمة طفل المزود في مغارة بيت لحم. نخلتي أنا تساقطت منها القذائف والقنابل وحمم الموت والدمار وأطفالي ماتوا تحت الردم وهم مجهولو التذكرة والهوية، والعنف أصبح وليمتنا! وأولادي ضياع عراة.
العنف والقداسة
كيف نضفي أحياناً على العنف صفة القداسة والبركة؟ ونقيم فينا عملية شفاء وتطهر وندرك ان العنف ينغرز في بنية الكائن البشري يقابله الترقي وبذر الخير والسلام. ونحن نعرف ان البقاء سيكون للخير والحب والسلام والبناء وليس للهدم والتدمير وانفلات الغرائز الهمجية. العنف يبقى دوماً متعطشاً يبحث عن ايجاد ضحية بريئة نقية يستبدلها ويستعيض بها ويسكب عليها وحشيته وقساوته فينجذب اليها لقداستها ويجعل منها قرباناً بديلاً، كبش محرقة وفداء وهي للحقيقة يليق بها الحب والإحترام. الإنسان انسان، مهما كان دينه ولونه وجنسه وعرقه. لا فرق عندي بين انسان وآخر. كلهم اخوتي ويجب عليّ لهم الإحترام والمحبة. ما هذا التوحش الذي يحدث في غزة؟ أرأيتم أوجه الملائكة التي لفتها اكفان السماء. غزة ليست للغزاوين وحدهم. هي لكم ولي وأهلي وأهلكم هناك. هل الجلجلة للمسيحيين وحدهم؟ هل عاشوراء للشيعة وحدهم؟ هل وجع القلب والبكاء لهم وحدهم؟ أم انها المأساة الواقعة في قلب كل انسان وكل بيت؟ كما ان فرح القيامة يحمل فرح السلام والفداء والنقاء والبهاء والسلام قادم على بيارق النصر والفرح والحق.
العنف يستبدل الخطأة بالأبرياء
عملية الإستبدال، العنف يسير نحو ضحية قابلة لأن يُضحى بها هنا يصبح العنف مرعباً ووحشيته عمياء لأنه يطال الأبرياء والأنقياء وينقض على الأضحيات البديلة، ويحصل على المزيد من المتعة أو المزيد من اللذة في عمل نرجسي هستيري في موقف عصابي اليم ندمن عليه ولا نستطيع الشفاء منه إلاّ بالحب والرحمة. وليس بشهوة الدم بتنافس سلفي وروح افتراسية فيضعف فينا الحس الإنساني الرفيع. هنا يجب علينا العودة الى رسالة هذا العيد الشريف بالتجرد والثورة على الظلم وطلب الحق والبر القائمة في عذرية وبتولية ومعصومية المعجزة التي تشفي جراحنا وتزيل اوساخنا نتوضّى بها لنصير أهلاً للصلاة ولكيان وجودي يستحق أن يُلاقي وجه الله.
أسينتصر الحاقد؟ أسينتصر القاتل؟
أسينتصر الباطل على الحق؟
والإستعباد على الحرية؟
والبغض على الحب؟
ألن يعود المخلّص الى الأرض؟ قم يا الله واحكم بالعدل في الأرض، لأنك أنتَ قلتَ سيكون على الأرض بعض ايام السماء وستكون مشيئتكَ أنت كما في السماء كذلك على الأرض وسيتقدّس اسمكَ. ويعلن هنا ملكوت الحب ولن يتكلم رجال الدين بلغة ملكوت قيصر بل بلغتك أنت. أي بالحب والرحمة والحنان والرأفة لأنكَ اللسان والقلب والعين والمحبة التي هي أمضى من كل سيف.
المحبة تخلّص
ونعرف إن الإيمان بالله هو الإيمان بالمحبة. صرتَ مثلنا لتجعلنا مثلكَ ونحن في بحر محبتكَ اللامتناهية سنعّد الكون بالماء والروح والسلام والأخوة والتراحم ونعرف انه كما قلت: ما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه وسنقهر الحقد بالحب والإساءة بالمغفرة والعداوة بالحنان وسنصلّي ونقول ما علّمتنا ايها الرب يسوع من على صليبك: إغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون! ومن على رمل الصحراء اللاهب نصغي لصلاة الشهداء الأنقياء
جدلية العنف والقداسة
ما هذه الجدلية الغريبة؟ هل العنف ملازم للفداء والخلاص؟ هل ان غريزة الدمار والهدم والقتل والموت ملازمة لطبيعة الحياة؟ كيف يمارس العنف في ميدان قدسي: سفك دماء ضحية بشرية من الأبرياء والأنقياء. كأن العنف هو محرك التاريخ وهو يأخذ ينبوعيته من المقدس الذي يقول: لا تقتل الضحية لأنها بريئة، مقدسة لكن الضحية البريئة المقدسة لا تصبح ضحية إذا لم تقتل. لذا وجب قتلها لأنها بريئة لتستطع براءتها الفداء ومن دمها النقي ينبع الخلاص. ما هذه الجدلية التي تحددنا وتدعنا نسال ماذا كان لو ان الحسين لم يمت؟ هل كنا خرجنا من رتابة طقوسنا التاريخية؟ هل كنا خسرنا كل جمالية عاشوراء وغنى معانيها الروحية والاستشهادية؟
آه عاشوراء
آه روح عاشوراء. أنتِ لي جرح مفتوح على الحق وصرخة ضد الظلم، ظلم الأحبة المضرّجين بالدماء صرّع على رمال كربلاء وصدى الصوت ينادينا: ألا من ناصر ينصرنا؟ والصوت يقول على مدى الأفق الكوني قم وانصر ابن بنت رسول الله الحسين أبا عبد الله ولو رأيت رأسه مقطوعاً عن جسده قل له فداك أبي وأمي يا عريس الحق والشهادة. الأحبّة صرّع في كربلاء وأم وهب المسيحية تقول لابنها العريس الجديد قم يا بني وانصر ابن بنت رسول الله. وعروسه تصرخ به فداك ابي وامي يا عريسي المصبوغ بالدم ومعك جون يرد على الصوت المنادي: ألا من ناصر ينصرنا؟ ألا من يردعنا؟ آه روح عاشوراء! روح غزة ألا من ينصر أهلنا هناك؟
آه روح عاشوراء روح الحب والنقاء، مدرسة كربلائية هي مدرسة الحسين ومدرسة الإمام المغيّب موسى الصدر، مدرسة أمل برئسها الصديق الأستاذ نبيه بري ومعه روح الإعتدال والحب وارادة العيش المشترك ليبقى الوجود المسيحي هنا يعطي للبنان طعم الرسالة كما قال قداسة البابا والإمام الصدر والرئيس بري الذي غضب لأجل قانا وجعل منها ارثاً انسانياً مسيحياً واسلامياً كبيراً.
آه عاشوراء لو قدرت أن اوسع قلبي ويدي لأحفظ الوديعة التي أنتِ، وأبذرها في العالم ولأجعل منك حياة فرح وعطاء لأكسر العنف وليس فقط ساعات من الأسى والحزن ولاستذكار الماضي، روح عاشوراء أن نقف معاً على أبواب الجنوب اليوم ومع الرئيس بري والمسؤولين العرب لنصرة غزة لنكون صوت صارخ في برية هذا العالم المتوحش المقنّع بقناع الحضارة، واحتضن بالصلاة والدموع، وجه الأطفال في غزة اليوم مسترجعاً روح ثورة ابي عبد الله ضد الظلم والطغيان.
معنى هذا الإستشهاد والذكرى
لنعطِ لهذا الإستشهاد معنى. فلنعش في القلب والحياة اليوم ولنبني مجتمعاً افضل. ولنأخذ الوديعة، ونجعل منها حياة فرح وعطاء وليس فقط احتفال أسى وتفجّع وتلوع وحزن. لتكن ثورة الحق على الباطل فينا وفي مجتمعنا وفي وطننا وفي العالم ثورة على الظلم. ليزهر الدم عدلاً والإستشهاد سلاماً والقبر قيامة وليالي الحزن والأسى ربيع فرح وعيداً للمحبة والسلام في وطن التعايش. نتعايش سوية نعيّد سوية، نتقاسم الأرض والمصير ولقمة الخبز ويبقى لبنان عيد ميلاد، وعيد غدير، وعيد سنة هجرية، وأيام عاشورائية، عيد أضحى وعيد غطاس للظهور الإلهي.
جرح الجلجلة الجنوبية المفتوح على الإيمان بالقيامة والنصر، وجرح عاشوراء الذي يجعل منا جميعاً وجهاً كربلائياً مدمّى في غزة وفلسطين والعراق وقانا.
دولة الرئيس، أنا لست سياسياً، ولا رجل دين أتكلم بلغة السياسة ولا لغة قيصر، ولا قائداً حزبياً، أنا راهب، مفكّر، من الذين قال عنهم القرآن الكريم لتجدّن أقربهم اليكم الذين قالوا أنّا نصارى وإن منهم رهباناً وقسيسين وهم لا يستكبرون. أنا من هؤلاء الأقرباء منكم، الذين يرفعون أيديهم بالصلاة لأجلكم ولأجل عيالكم ويؤمنون اننا بالصلاة سنغيّر العالم. آمين
اسمعني اللّهم انكَ لسميع مجيب.

تقديم للأب هاني مطر

هل يمكنكَ أن تفتح كتاب صلاة إلاّ ورأيت وجهه المنور يواكب العمل الطقسي منذ سنين عديدة بحثاً وتدقيقاً وتصليحاً وعودة إلى الجذور وتجديداً وتأويناً. وتسأل نفسكَ من أين أتت هذه «النكهة» الروحية وهذا «العطر» القدسي أمن سبحة أمه النقية المصلّية الضارعة لله ولأمه العذراء، أم من عمقه الداخلي المزدان بروح الخشوع والترهب والإصغاء لكلام الله وقد تعبت عيناه كما الآباء الرهبان القديسون من قراءة الكتب المقدسة.
هل يمكنني أن أتجرأ وأقول انه في البدء لولاه ولولا العديد سواه من روادنا لما كان لنا هذا التجديد الطقسي الرائع بعد مئات السنين من الركود والجهل والنوم والفقر. لولاه ولولا سواه الذين لبوا نداء الروح والكتب الغنية المرمية الضائعة في المكتبات، ومنهم الأباتي يوحنا تابت والحبيس الأب يوحنا خوند، والأب لويس الحاج، والأب يوسف الخوري والملهم الكبير الأب روفائيل مطر، والمؤسس الأباتي عمانوئيل الخوري ومعه الأباتي بطرس القزي ومساعدة الأخت مارسيل هدايا، ولولا اليوم، وجود اللجنة الطقسية التي يراسها سيادة المطران بطرس الجميّل. هذا الكشف عن كنوز وغنى وعظمة التراث الماروني المشرقي كان للأب هاني مطر فضل كبير في الإنكباب على الذهاب الى العمق لجلب لألئه الثمينة بشباك الزمن القديم الجديد. ليتورجياتنا اغتنت، تجددت، أشرقت، تألقت على يده وعلى يد العدد سواه من الباحثين الليتورجيين واللاهوتيين والموسيقيين والأدباء والشعراء والفنانين المبدعين. عرف صديقي ورفيقي الأب هاني مطر ان يوازن بين التجديد والتجذر. إنفتاح دون انفلاش وتجذر دون انغلاق. هوية متميزة ومتثاقفة بتكامل مع التراثات الشرقية الأخرى. افتخر بالأب هاني مطر صديقي ورفيق دربي مجدداً ليتورجياً عالماً راهباً أصغيت اليه بمحبة طوال العمر. فلنصغِ له نحن اليوم بفرحٍ كبير هذا المساء. فرحي أن أعرفكم على صديقي وأن اشارككم الإصغاء اليه!

تقديم الأب نجم شهوان

تعجب منه لفيض علمه وصغر سنه وتسأل نفسك هل انني بذلك من القدوة التي في بيته وخاصة من الأب والأم ومن أخيه الأب أيوب شهوان مدير هذا المعهد الليتورجي العظيم الذي له الفضل الأول وباهتمام الذين اسسوه وتداولوا على ادارته: الأباتي عمانوئيل خوري الأباتي يوحنا تابت، الأب هاني مطر واليوم حضرة الأب أيوب شهوان منظم هذه المحاضرات الهامة وسواها خاصة الحلقات الكتابية في سنة مار بولس. فكر الأب نجم شهوان متميّز بالدقّة الفكرية والرصانة العلمية ونورانية القلب المصلّي وشفافية النص الليتورجي المطبوع برجفة القلب كرجفة ملاك فاجأه الله قبل أن يُعدّ مجامر البخور ومزامير الأناشيد فارتبك وخجل وخبأ وجهه بجناحين ولكنه لم يقدر أن يخفي بسمته الملائكية التي تجعلك تصلّي وتقرأ اناشيد النور والنقاء وأنتَ تسمع له.
يشرّفني أن أقدم لكم هذا المساء الأب نجم شهوان الذي نما بالحكمة والعلم والتقوى أمام الله والناس فكان شاهداً على تحمّل المسؤولية الإدارية والتعليمية باكراً بجدية مبتعداً عما يسميّه بسكال «اللهو» والترفيه والإبتعاد عن التزام الذات بالاقتداء بالمسيح بالتجرد والزهد، والتصوف والصلاة وهذا ما يشهد له في حياته وقوله ومسلكه وفكره الأب نجم شهوان. فلنصغِ له محاضراً شارحاً وشاهداً لنغتنِ بما عنده من معرفة ونور.

التربية على السلام

مقدمة
في هذا الجو من الخطب النارية اللاهبة، في هذا الجو السياسي والإعلامي العاصف والضاغط هل من فسحة حب وسلام، هل من رجاء يدفعنا الى الدفء بالركون الى موقدة السلام نتدفى عليها ونجتمع حولها لنبقي فسحة أمل لأيامنا الآتية؟
عصا قايين
السؤال المطروح أمامنا هو هل ان عصا قايين ستبقى مرفوعة أبداً على رأس أخيه هابيل تشجه بعدائية وتؤسس لهذا العالم من «الذئبية» والعدائية والشراسة والموت فتجعل «الآخر جحيماً» فإمّا أن يقضي علّي وإمّا أنا أقضي عليه، لأحيا وأكون. فكيف يكون سلام وهذه الجدلية قائمة بين وجودي المرتكز على وجود الآخرين، أو على إلغاء الآخرين، هي الجدلية ترفض «سلامية» الحياة وحبها وتؤسس على عدائية الموت وجعله يدفعنا لنهش بعضنا بعضاً.
الإنسان ذئب للإنسان
هل إن الإنسان كما قال هوبس Hobes ذئب لأخيه الإنسان، فإمّا أن ينهشه وإمّا أن يموت هو نهشاً وتمزقاً؟ هل حقاً ان العالم قائم على «الذئبية» وليس على الأخوّة والمحبة؟ فمن أين يأتي السلام؟ لا مكان هنا للرحمة ولا للشفقة؟ إنها القساوة المتوحشة. فالناس ذئاب ضارية تنهش بعضها بعضاً، وتفني بعضها بعضاً. السلام هنا هو سلام الأموات وتدمير وافناء الآخر وإلغاء أو إعدام وجوده ومحوه من الكيان فأبقى أنا وحدي. فسلامي هو سلام موت الآخرين العائشين في المقابر.
الإنسان رغبة قتل
هل بالحقيقة ان الإنسان وجدان ورغبة وشهوة عميقة جارفة لقتل الآخر كما يقول هجل؟ فكيف يكون سلام ونحن وجدانات تتصارع وفي قعرها لهيب نار لحرق هذا الآخر وجعله رماداً تزريه الرياح؟ ولا يحمل أي رجاء بسلامية التاريخ بل تنبع من جدلية طحن الآخر وإلغائه وإفنائه في عاصفة عنفية توسع لوجودي بموت الآخرين؟ ماذا أعمل حين يدمر معناي «بالتشّيء» كما يقول سارتر أي انني أصبح شيئاً وليس شخصاً آخر، يأخذ معناه من تبادل الوجدان الذي يتم بيني وبينه باللقاء والمشاركة في حضور تبادل وجدانات تجعل الكون حضور حب وسلام.
الكنيسة في عالم اليوم
تجاه هذا التفكير المبني على النقض والكسر يأتي موقف الكنيسة في الوثيقة المجمعية الفاتيكانية الكنيسة في عالم اليوم، القسم الثاني ليقول انه لبناء السلام ينبغي عقل راجح وقلب محب وكيان قابل لوجود الآخر المفترق.
الثقافة السلامية
التربية على الثقافة السلامية تقوم على التربية على كرامة الإنسان الشخصية وهي جواب لنداءات الروح على ان كل انسان هو صورة الله والخطيئة الكبرى هي خطيئة الإساءة إلى هذا الكائن الإلهي الخلق، والحياة، والدعوة إلى هذا «الرزق» الإلهي، الكرم الإلهي، وليس الى رزق الدنيا وعالم الفناء. (نشيد مار بولس عن المحبة).
التأسيس على الضمير والحرية
هذه التربية السلامية تتأسس على عظمة الحرية والمسؤولية والضمير وعلى سمو العقل في الحكمة والحقيقة وخاصة على بناء الإنسان الجديد المرتبط بالله وبأخيه الإنسان في مجتمعه البشري وفي مصيره الإلهي. ويبقى ان الهدف الكبير في هذا المسار هو الخير العام.
والتربية على تشجيع وتفضيل الخير العام على الخير الخاص والمنفعة الذاتية الضارية من هنا علينا احترام الإصغاء أي كسر «العدائية» الذاتية وترويضها ولجمها بقبول حق المساواة الجوهرية بين كل الناس، وبإشاعة العدالة الإجتماعية وخاصة تجاه الفقراء، والمهمّشين والغرباء والمعزولين والعجزة والمعاقين والضعفاء والمساكين.

السلام مسؤولية مشتركة
فالسلام هو مسؤولية وإشراك ومشاركة وتجاوز الذات والأنا الفردية إلى «النحن»، في وليمة Agape المحبة والأخوّة واقتسام لأرزاق الدنيا وخيراتها ولعواطف الحب والشفقة والرقة والفرح الإجتماعي كي لا تفسد الخطيئة سر السماء الجديدة والملكوت الجديد الذي يجب أن يكون لنا في فصحنا الجديد.
الإعتراف بالآخر طريق السلام
هذه الثققافة هي طريق حياة جديدة لإنسان متطور خرج من «البربريات الحديثة» إلى الإعتراف بحق الآخر بالإعتراف والمشاركة والحفاظ على هويته وتراثه وحريته. من هنا علينا أن نناغم بين إنجيل المسيح والثقافة القائمة على المحبة حتى محبة الأعداء والمغفرة الدائمة وإلاّ لم يقبل قرباننا.
السلام مع الفقر الروحي
تثقيف الإنسان تثقيفاً كاملاً وتحقيق تناغم بين مختلف القيم الثقافية والقبول بأنه لا سلام إلاّ مع الفقر الروحي والذاتي والإجتماعي. من هنا علينا إنماء الشخص البشري كل الشخص البشري وإنماء الإقتصاد ووضعه في خدمة الإنسان وكسر الفروقات الإقتصادية الهائلة المتوحشة، واقتسام خيرات الأرض صوناً للسلام ولبناء جماعة يقوم جوهر نظامها على إبعاد شبح الصراعات والنزاعات والحروب. بالتعاون بين الدول والأفراد والجماعات وإرساء قواعد للحوار وتحريم السباق إلى التسلح ونظرية الحرب الإستباقية وليس حق الحرب الدفاعية. السلام العام الحقيقي يقوم على حياة مشتركة ترتكز على العدل وعلى الأخلاق العامة. العدل والسلام ينبعان من أمانة الإنسان نحو الله ونحو ارادته ومن رقيه الروحي بالصلاة والإيمان في شركة المحبة.
ليس السلام توازن للقوى
ليس السلام توازن القوى وعدم وجود الحرب فحسب، إنما هو ثمرة نظام رسمه الله في المجتمع البشري ينبع من محبة القريب وهو صورة سلام المسيح ونتيجته ذلك المسيح الذي صالح البشر أجمعين وأعاد الوحدة بين الشعوب وأقام الأخوّة بين الناس دون فرق في الجنس والعرق واللون والمعتقد. هذه هي شرعة حقوق الإنسان.
السلام هو ترويض الرغبات والشهوات
السلام يبنى على أن نشترك معاً في بناء عالم يرتكز على محبة كبيرة بين البشر وبإبعاد أسباب التفرقة بين الناس: عدم مساواة صاخبة على الصعيد الإقتصادي، روح السيطرة واحتقار الأشخاص، الحسد، انعدام الثقة، كبرياء، أنانية، عدم التوازن الإجتماعي والإقتصادي، عدم المساواة، الظلم، مراقبة الشهوات، احترام ممتلكات الأشخاص، احترام الآخرين، بناء الأخوّة، الثقة المتبادلة بين الأشخاص والجماعات والشعوب، الزهد، تغيير العقلية ونذوات القلب والرغبات ومعالجة حاجات الناس وبؤسهم، مساندة التكاتف بين الناس، خلق انسان مسالم، التربية في الأذهان والمشاعر على السلام، والتبادل الأخوي في روح من الزهد والتواضع والتراحم والخشوع. أي تغيير طرق التفكير والشعور والسلوك والكلام خاصة في وسائل الإعلام والتعاطي مع الرأي العام.
السلام هو سلام المسيح
المسيح أصل السلام وهو يعلمنا بموته على الصليب أن نحمل صليبنا لتوطيد العدل والسلام. هو الذي صالح الكل بموته وصلبه وجمع العلو والعمق فاتحاً يديه ومائتاً فادياً لأجل البشرية جمعاء. مات لأجل الآخرين ولم يدفع بالآخرين للموت من أجله.
خاتمة
ملكوت الله هو ملكوت عدل وسلام، والإنجيل هو خميرة أخوّة ووحدة وسلام. والسلام ينبع من حب القريب. والإنجيل هو إنجيل السلام والعدل والمحبة والمغفرة والفرح. علينا وضع حد نهائي لقساوة الحرب بين الناس وبين الجماعات والأفراد، لذا علينا أن نتكاتف لبناء انسان وعالم يسود عليهما العدل والسلام والمحبة. علينا أن نكون بناة سلام وصانعي سلام في ذاتنا وفي العالم. هذه هي دعوتنا وهذا هو رجاؤنا. شخصنا يحمل لطف الروح ورقة النعمة ورهافة الوجود